لقد أكرمني الله تعالى بتبنِّي تيار الوسطية، ومنهج الوسطية من قديم، ولم يكن ذلك اعتباطًا، ولا تقليدًا لأحد، أو اتباعًا لهوى، ولكن لما قام عندي من الدلائل الناصعة، والبراهين القاطعة، على أنَّ هذا المنهج هو الذي يُعبِّر عن حقيقة الإسلام. لا أعني إسلام بلد من البلدان، ولا فرقة من الفرق، ولا مذهب من المذاهب، ولا جماعة من الجماعات، ولا عصر من العصور, بل عَنَيْتُ به «الإسلام الأول» قبل أن تشوبه الشوائب، وتلحق به الزوائد والمبتدعات، وتُكدِّر صفاءه الخلافات المُفرِّقة للأمة، ويُصيبه رَذاذٌ من نِحَل الأُمم التي دخلت فيه، والتصقت به أفكار دخيلة عليه، وثقافات غريبة عنه. وقبل أن تصنَّف أمّته إلى فرق وجماعات شتى، تنتسب إلى زيد أو عمرو من النـاس، فحسبنا أنها تنتمي إلى القرآن الحكيم، وإلى الرسول الكريم