من العظيم أن يجد المرء وقتًا تزهو فيه روحه، وتروق له أفكاره وذكرياته، يجلس فيه مع نفسه ولنفسه، يحادثها مصارحًا ومُعاتبًا لها عمَّا شُغِلَت عنه وانطوت الأحداث عليه من شئون الحياة وصراعاتها المتلاحقة، فلم يجد اهتمامًا منها، تلك اللحظات تجيش في النفس أشتاتًا من المشاعر، تبعث فيها الأمل تارة، واليأس والكآبة تارة أخرى. وعميد الأدب العربي «طه حسين» وجد نفسه في فضاء فصل الصيف الرَّحب جليس خواطر عِدَّة صَحِبَته أثناء سفره إلى «فرنسا»، حيث اجتمع له صفاء السماء، وعليل الهواء، وغريب الحياة وجديدها، فجاد بخواطره التي أحبَّ بعضها، وكره بعضها الآخر، غير أنها تفيض بدفء المشاعر، ورهافة الحِس، وعظيم الفائدة.