يطرح الدكتور زكي نجيب محمود من خلال كتابه هذا سلسلة من القضايا الفكرية والتي شكلت المناخ الفكري في القرن العشرين في مصر خصوصاً وفي العالم عموماً. يتناول الكاتب أولاً تيارات الفكر والأدب في مصر المعاصرة والتي بالإمكان استشفاف توجهاتها من خلال ما ساقه الكاتب أولاً من أعمال فكرية شملت الأدب مما في ذلك للأدب القصصي والشعري والمسرحي الذي كان رواده في تلك الفترة أي في عشرينات القرن العشرين وثلاثيناته كل من عباس محمود العقاد، طه حسينن إبراهيم عبد القادر المازني، محمود سامي البارودي، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، خليل مطران، حيث يقوم الكاتب المحلل باستجلاء السمة الظاهرة لهذه الحركة ومن ثم يرصد تطوراتها التي جاءت بتأثير الفكر الغربي.
يتابع الدكتور محمود هذه التطورات من خلال أعمال هؤلاء الرواد مبيناً بأن الحركة الثقافية التي عاشتها مصر فيما بين الحربين، جمعت بين ثقافتين، وذلك واضح، كما ذكر، من خلال الأمثلة التي ساقها لهذا الغرض والتي بنيت فوران الآراء والمذاهب الذي لم يأذن لأحد منهم الاستقرار على فكرة واحدة أمداً طويلاً. ويحاول الكاتب متابعة سيرورة هذه الحركة الفكرية التي سادت أجواءها مؤثرات فلسفية اجتماعية سياسية طارحاً المشاكل والعثرات التي صادفت طريق الفكر المصري والتي تداخلت في توجهاته وفي تداعياته وفي نتائجه والتي أدت إلى أزمة شهد المثقف في حينها بصورة خاصة والمفكر المصري بصورة عامة صراعاً ألقى بذيوله وبثقله على الحياة العامة على الصعيد كل من الثقافي والاجتماعي والسياسية في مصر. ويبدو جلياً بأن المؤلف هدف إلى هذه النظرة التحليلية وإلى هذه الدراسة وذلك لاستجلاء مكمن الخطأ في تعثر سير المثقف في تلك الآونة وفي تشويش مبادئ ومعتقدات المفكرين وبالتالي الأفراد، في محاولة لتدارك الخطأ الذي لامس منهجية الحركة الفكرية في مصر وبالتالي لتصحيح مسارها.