هذه الدراسة التي نقدمها عن قاسم أمين ستضع من خلال فصولها فكر القارئ والباحث على حقائق وقسمات في فكره لم يلتفت إليها كثير من دارسيه فإن الفضل في ذلك يعود إلى مجيء هذه الدراسة ثمرة للنظرة الشاملة لأعماله الفكرية الكاملة، وخصوصاً أنها الدراسة الآلى التي تهتم كثيراً برصد تطوره الفكري وبرصد آراءه في تحرير المرأة والتمدن الإسلامي، وذلك بعد أن كشفت عن بطاقة حياته وأقواله وخواطره التي دونها في مفكرته الخاصة، والتي جاءت: آية من آيات الخواطر الصادقة مع النفس
ليست الريادة هي المعيار الوحيد الذي يكسب المفكر والمصلح مكاناً عالياً وهاماً في حركة تطور المجتمع الذي يعيش فيه، وإن تكن لها ميزاتها ووزنها وتكاليفها التي تضفي على أصحابها الكثير من المجد. وفيما يتعلق بارتياد المفكرين والمصلحين في شرقنا العربي الإسلامي، في العصر الحديث، لميدان الدعوة إلى تحرير المرأة المسلمة والشرقية، هناك خلاف قائم بين عدد من الذين عرضوا بالتاريخ لذلك الحدث الذي حاول به هؤلاء المفكرون والمصلحون أن يتخطوا بالمرأة نطاق حريم العصور “المملوكية-العثمانية”، المظلمة إلى أعتاب ورحاب الاستنارة واليقظة التي أفاءها على الشرق عير التنوير الذي بدأته مصر.
فهناك من يرى أن فضل الريادة في هذه الدعوة إلى تحرير المرأة معقود لقاسم أمين، وأن أول صيحة لهذا التحرير هي صيحته في كتابيه (تحرير المرأة( و(المرأة الحديدية)، وهناك من يرى أن الأتراك العثمانيين كانوا أسبق من المصريين في سلوك هذا السبيل، وأن صحيفة الجوائب) قد شهدت دعوة صاحبها أحمد فارس الشدياق إلى تحرير المرأة قبل أن يولد قاسم أمين.