إن العقيدة الأساسية الصحيحة للإسلام تقوم أول ما تقوم، على التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى، بحيث لا يقبل أي لون من ألوان الشرك أن يشوبه، وبحيث يبقى نقياً شاملاً كل من عساه أو ما عساه أن يضع نفسه، أو يضعه غيره بين المسلم وبين ربه. فلا مكان في عقيدة الإسلام للأصنام من الناس ومن الجهاد، مهما كان الوضع الذي تتخذه، ترفضها معبودات مستقلة ترجى وترهب عالمها من التأثير على حياة الناس، ولا تقبلها شفعاء تتوسط للتقرب بها عن الله سبحانه، وتردها كذلك إذا ما اتخذت وسيلة من وسائل التقريب أو التمثيل أو الرمز
فالله وحده هو الذي يتقرب إليه المسلم بعبادته وبخضوعه. ومن الله وحده يستمر المسلم العون ويطلب الهداية. وعلى هذا الأساس المتين الواضح من صراحة التوحيد، وخلوصه من شوائب الشرك، تقوم صلة المسلم بربه في الإسلام والإمام الغزالي وفي كتابه هذا، يبين في إشراق وإلهام، معاني التوحيد الصافية النقية، ويوضح من مسائله ما أبهم، ويفصل من مهامه ما أجمل، ويبسط من قواعده ما أشكل، ويفتح من طوق فوائده ما أغلق. وفيه يذكر المؤلف، ما خصه الله تعالى به من جودة القريحة للكشف عن أسرار حقيقة التوحيد، على ضوء الكتاب والسنة، وأقوال العلماء وسلف الأمة.