تحميل وقراءة كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي pdf مجاناً

الرئيسية المكتبة قوت المغتذي على جامع الترمذي
قوت المغتذي على جامع الترمذي
اسم الكتاب: قوت المغتذي على جامع الترمذي
التصنيف:
عدد الصفحات: 1187
سنة النشر: 2012
166 تحميل

وصف الكتاب

قال الحافظ أبو الفَضْل ابن طاهـر في كتاب ’شُـروط الأئمة‘: لم يُنقل عن واحدٍ من الأئمة الخمسة أنه قال: شَرطتُ في كتابي هذا أنْ أخرج على كذا، لكنْ لمَّا سُبرت كتُبهم عُلم بذلك شرط كلِّ واحدٍ منهم، فشرط البُخاري ومسلمٍ أنْ يُخرجا الحديث المُجمع على ثقةِ نقَلتِه إلى الصحابي المشهور، وأما أبو داوُد والنَّسائي، فإنَّ كتابَيهما ينقسم على ثلاثة أقسام:
الأول: الصَّحيح المخرَّج في ’الصحيحين‘.
والقسم الثاني: صحيحٌ على شرطَيهما.
وقد حكى أبو عبدالله ابن مَنْدَهْ أنَّ شرطهما إخراج أَحاديثِ أقوامٍ لم يُجتمع على تَرْكها إذا صحَّ الحديث باتصال الإسناد من غير قطْعٍ ولا إرسالٍ، فيكون هذا القِـسْم من الصَّحيح، إِلاَّ أنَّه طريقٌ لا يكون طريق ما أخرج البخـاري ومسـلم في ’صحيحيهما‘ بل طريقُه طريقُ ما ترَك البخـاري ومسـلم من’الصحيح‘ لمَا بيَّنَّا أنهما تَركا كثيراً من الصحيح الذي حفِظاه.
والقسم الثالث: أحاديث أَخرجاها من غير قطعٍ عنهما بصحتها، وقد أَبانا علَّتها بما يفهمه أهل المَعرفة، وإنما أَودعا هذا القِسم في كتابَيهما لروايةِ قومٍ لها، واحتجاجهم بها، فأَوردَاها، وبيَّنا سُقمها لتزول الشبهة، وذلك إذا لم يَجد له طَريقاً غيره؛ لأنَّه أَقوى عندهما من رأْي الرجال.
وأما أبو عيسى التِّرْمِذي فكتابه على أربعة أقسامٍ:
قسمٍ صحيحٍ مقطوعٍ به، وهو ما وافَق البخاريَّ ومسلماً.
وقسمٍ على شرط أَبي داوُد والنَّسائي كما بيَّنا في القسم الثاني لهما.
وقسمٍ آخَر كالقسم الثَّالث لهما أخرجه وأَبان عن علَّته.
وقسمٍ رابعٍ أبانَ هو عنه، وقال: ما أَخرجتُ في كتابي إلا حديثاً قد عمِلَ به بعض الفُقهاء، فعلى هـذا الأَصـل: كلُّ حديثٍ احتجَّ به مُحتَجٌّ، أو عمِلَ بموجَبه عاملٌ أَخرجه سواءٌ صحَّ طريقه أم لم يَصِحَّ، وقد أزاح عن نفسه، فإنَّه تكلَّم على كل حديثٍ بما فيه، وكان مِن طريقه أنه يُترجِم البابَ الذي فيه حديثٌ مشهورٌ عن صحابيٍّ قد صحَّ الطَّريقُ إليه، وأُخـرج حديثه في الكتُب الصحاح، فيُورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابيٍّ آخَر لم يُخرجوه من حديثه، ولا يكون الطَّريق إليه كالطَّريق إلى الأوَّل إلا أنَّ الحكم صحيحٌ، ثم يُتبعه بأن يقول: وفي الباب عن فلانٍ وفلانٍ، ويَعُدُّ جماعةً منهم الصحابي الذي أَخرج ذلك الحكم من حديثه، وقلَّ ما يسلُك هذه الطريق إلا في أبوابٍ معدودةٍ، انتهى.
وقال الحَازِمي في ’شروط الأئمة‘: مذهب مَن يُخرج الصحيح أن يَعتبر حالَ الرَّاوي العدل في مَشـايخه، وفيمَن روى عنهم، وهـم ثقاتٌ أيضاً، وحـديثُه عن بعضهم صحيحٌ ثابتٌ يَلزم إخراجه، وعن بعضهم مدخولٌ لا يصح إخراجه إلا في الشَّواهد والمُتابَعات.
قال: وهذا بابٌ فيه غُموضٌ، وطريقُ إيضاحه معرفةُ طبقات الرُّواة عن راوي الأَصل ومراتب مَدارِكهم، فلنُوضح ذلك بمثالٍ، وهو: أن تعلم أنَّ أصحاب الزُّهري مثلاً على خمس طبقاتٍ، ولكل طبقةٍ منها مَزيَّة على التي تَليها.
فالأُولى: في غاية الصِّحـة نحـو: مالك، وابن عُيَيْنة، وعُبيدالله بن عمر، ويُونُس، وعُقَيل، ونحوهم، وهي مقصِد البخاري.
والثانية: شـاركت الأُولى في التثبُّـت غيـر أنَّ الأُولى جَمعـتْ بين الحِـفْظ والإِتْقان، وبين طُول المُلازَمة للزُّهري حتى كان فيهم مَن لا يُزايله في السَّفَر، ويُلازمه في الحضَر، والثانية لم تُلازم الزُّهري إلا مُدَّةً يسيرةً، فلم تُمارِس حديثَه، فكانـوا في الإتقان دون الطبقـة الأُولى، وهذه شَـرْط مسـلم نحو: الأَوْزاعي، واللَّيْث بن سَعْد، والنُّعمان بن راشِد، وعبد الرَّحمن بن خالد بن مُسافِر، وابن أبي ذِئْب.
والثالثة: جماعةٌ لَزِموا الزُّهري كالطَّبقة الأُولى غير أنَّهم لم يَسلَموا من غَوائل الجَرْح، فهم بين الردِّ والقَبول، وهم شـرط أبي داوُد والنَّسائي، نحو: سُفيان بن حُسين، وجَعفر بن بَرْقان، وإسحاق بن يحيى الكَلْبي.
والرابعـة: قـومٌ شاركـوا أهل الثالثـة في الجَرح والتَّعـديل، وتفرَّدوا بقلَّـة مُمارستهم لحديـث الزُّهري؛ لأنهم لم يصاحبـوا الزُّهـري كثيراً، وهم شرط التِّرْمِذي.
قال: وفي الحقيقة شرط التِّرْمِذي أَبلَغ من شرط أبي داوُد؛ لأنَّ الحديث إذا كان ضعيفاً، أو من حـديث أهـل الطَّبقة الرَّابعة، فإنه يُبيـِّن ضَعفَه، ويُنبـِّه عليه، فيصير الحديث عنده من باب الشَّواهد والمُتابَعات، ويكون اعتماده على ما صحَّ عند الجماعة، ومن هذه الطبقة زَمْعة بن صالِح، ومُعاوية بن صالح، ومُعاوية بن يَحيى الصَّدَفي، والمُثنَّى بن الصبَّاح.
والخامسة: قـومٌ من الضُّعفاء والمَجهولين لا يجـوز لمن يُخرج الحـديث على الأبواب أنْ يُخرج لهم إلا على سَبيل الاعتبار والاستشهاد عند أبي داوُد فمن دَونَه، فأما عند الشَّيخين فلا؛ كبَحْر بن كُنَيز السقَّاء، والحكَم بن عبدالله الأَيْلِي، وعبد القُدُّوس بن حَبـِيْب، ومحمد بن سعيد المَصلُوب، وقد يُخرج البخاري أحياناً عن أَعيان الطَّبقة الثانية، ومسلم عن أَعيان الطَّبقة الثالثة، وأبو داوُد عن مَشاهير الرَّابعة، وذلك لأسبابٍ تقتَضيه.
وقال الذَّهَبي في ’المِيْزان‘: انحـطَّتْ رُتبة ’جامع التِّرْمِذي‘ عن ’سُنن أبي داوُد‘ والنَّسائي؛ لإخراجه حديثَ المَصلوب، والكَلْبي، وأَمثالهما.
وقال أبو جَعْفر بن الزُّبَير: أَولى ما أرشد إليه ما اتفق المُسلمون على اعتماده، وذلك الكتُب الخمسة، و’المُوطَّأ‘ الذي تقدَّمها وضْعاً، ولم يتأخَّر عنها رُتبةً، وقد اختلفتْ مقاصدهم فيها، و’للصحيحين‘ فيها شُفوف، وللبخاري لمن أراد التفقُّه مقاصد جَليلة، ولأبي داوُد في حصر أحاديث الأحكام واستيعابها ما ليس لغيره، وللتِّرمِذي في فُنون الصناعة الحديثية ما لم يُشاركه غيره، وقد سلَك النَّسائي أغمَض تلك المَسالك وأجلَّها.
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في أول ’شرح التِّرْمِذي‘: اعلَموا ـ أنارَ الله أفئدتَكم ـ أنَّ كتاب الجُـعفي هو الأصل الثاني في هـذا الباب، و’الموطَّأ‘ هو الأوَّل، واللُّباب، وعليهما بَنَى الجميعُ كالقُشَيري، والتِّرْمِذي، فما دونَهما ما طفِقوا يصنِّفونه، وليس في قَدْر كتاب أبي عيسى مثلُه حلاوةَ مقْطَع، ونفاسَة مَنْزَع، وعُذوبةَ مَشرَع، وفيه أربعة عشر عِلْماً فوائد صنف وذلك أقرب إلى العمَل وأسنَد، وصحَّح وأسقَم وعدَّد الطُّرُق، وجَرَّح وعدَّل، وأَسمى وكنى، ووصَل وقطَع، وأوضَح المعمول به والمَتروكَ، وبيَّن اختلاف العُلماء في الردِّ والقَبول لآثاره، وذكر اختلافهم في تأْويله، وكلُّ علمٍ من هـذه العلوم أصـلٌ في بابه، وفَردٌ في نِصابه، فالقارئ له لا يَزال في رياضٍ مُؤنقة، وعلوم مُتفِقةٍ مُتسِقةٍ، انتهى.