“في بيت أمي صورة ترنو إليّ، ولا تكف عن السؤال: أَأَنت، يا ضيفين أنا؟، هل كنت في العشرين من عمري، بلا نظارة طبية، وبلا حقائب؟ كان ثُقْبٌ في جدار السور يكفي كي تعلمك النجوم هواية التحديق في الأبدي… [ما الأبديُّ؟ قلت مخاطباً نفسي] ويا ضيفي… أأنت أنا كما كنا فمن منا تنصًّل من ملامحه؟، أتذكر حافر الفرس الحرون على جبينك، أم مسحت الجرح بالمكياج كي تبدو وسيم الشكل في الكاميرا؟ أأنت أنا؟ أتذكر قلبك المثقوب بالناي القديم وريشة العنقاء؟ أم غيرت قلبك عندما غيرت دربك؟ قلت: يا هذا، أنا هو أنت لكني قفزت عن الجدار لكي أرى، ماذا سيحدث لو رآني الغيب أقطب من حدائقه المعلقة البنفسج باحترام… ربما ألقى السلام، وقال لي: عد سالماً… وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى ما لا يرى وأقيس عمق الهاوية”.
لن يمنعك حنين حرية جسدك بالتحليق إلى محمود درويش لتقف عند بقعة أثيرية لا مرأية تكسبك شفافية تخولك الولوج إلى عمق المشاعر الإنسانية التي تحول الأشياء إلى مجسدات تستشعرها وتكون جزءاً منك. ففي شعره محمود درويش حسّ مرهف، وفي شعره أداء، وفي شعره عطاء، وفي شعره انسيابات موسيقية وفي شعره فلسفات وفي شعره مكونات تجعل من الشعر مساحة ترحل إليها النفس، وتسمو فيها الروح، وتنتشي على وقع موسيقاها، وعلى جمال معانيها إلى القاع