كان خالد محمد خالد يدلنا في كتابه على المناهج التي تجنبنا الوقوع في التيه والضياع. ومن هذه المناهج الإقرار بأن الديمقراطية ضرورة خلقية قبل أن تكون ضرورة سياسية.
وأن الطغيان مزرعة للرذيلة، وأن الحكم المطلق مسؤول عن الرذائل التي يثمرها وجوده. وأن الديمقراطية الراسخة هي البداية لكل تجدد أخلاقي.
وفي هذا الكتاب الخطير، يفصل خالد محمد خالد بين الأخلاق المدنية والأخلاق الدينية، ويقول بأن أخلاق المدنية أهدى. ويفرّق خالد بين الدين والأخلاق الدينية. ويقول أن الأخلاق الدينية غير الدين. ويعني بالأخلاق الدينية هنا، قدسية التقاليد والإيمان بالقدر وأعمال السحر والشعوذة باعتباره مفكراً عقلانياً وتنويرياً من الدرجة الأولى.
ففي هذا البحث لا يزعم أنه قطف نجوم السماء. ولكنه يرجو بما بلى من جهد، وما استورى من بينة أن يكون مشعلا فوق الظلمات الخانقة. ظلمات المجتمع الذي يقتات بالكذب والنفاق والعجز، فمن كان معه كلمة تزيد المشعل ضوءا فليقلها ولو كانت مضادة ومغايرة. ومن كان معه مشعل آخر فليرفعه فوق الظلمة.