إن القارئ المتأمل لكل من أعمال الطيب صالح الروائية، لا جدال، سيعيش هذا الثراء الفكري والغني المبني على أصالة الفكر، وثراء التجربة الإنسانية، استقراء وتحلل استجلاء واستنباط دقائق الحياة، ورحابة الخيال وحب الاستبصار، والتعبير عن كل ذلك بلغة شاعرة تتميز بالرصانة والجزالة والوجدانية المتفردة الموحية.
لقد امتلك أدوات فنه الروائي المبدع، فأنت من جهة تشهد له على هذه القدرة المتميزة على الحكي وبلورة الفكرة رويداً رويداً ليشيد باستدعاء التفاصيل ونسج العلاقات بين الأطراف المتجانسة حيناً، المتنازعة أحياناً أخرى، هذا البناء المتكامل الذي يتداخل فيه الواقع بالخيال، وتتمازج فيه الأحلام مع الواقع الماثل، وتتناغم فيه كل المشاعر على اختلاف منابعها وتوجيهاتها.