حقاً أن لكل مدينة فرادتها وعبقها وسحرها الخاص فباريس التي لها أكثر من قلب وبغداد، وهامبورغ مدت لا تبرح مكانها في ذاكرة الطيب صالح، حيث تدلف إلى أحلامه . كما فيها من ضوء ودفء وحيوية وضوضاء. والرحيل مع الطيب صالح في هذه المجموعة متعة لا تعادلها متعة، فهو ينبش زوايا ذاكرته ويزيح عن أعيننا غشاوة الجهل، إذ يكشف عن كل ما هو مضيء ومشرق في هذه المدن التي تعامل معها ككيانات حية تتنفس وتتوالد وتنمو لا كمدن من الإسمنت والإسفلت، فهو يكشف دائماً عما هو تحت هذه البنى من حيات وتراكمات ثقافية فكرية.”روح الإمبراطور، القائد العبقري نابليون بونابرت قد ترفرف على باريس، لكنك لا تحس بوجوده إلا إذا زرت ضريحه، نابليون الذي ترك أثر أوضح وأعطى المدينة هيئتها التي هي عليها الآن”.