لا تخلو مآسى ڤيكتور هوجو من الكوميديا فهي واقعية إلى حد بعيد كما يحب هوجو أن يضفي على أعماله الطابع التاريخي وهو الشاعر والأديب ذو المعارف والإهتمامات الموسوعية فهو يستغرق كافة قدراته ومعارفه وفلسفته لإنتاج أعمال خالدة تفيض بالقيمة والمتعة.
وبالنسبة لمسرحيتي لوكريس بورجيا والملك يلهو فينطبق عليهما تماما ما سبق أن عممنا به وصفنا لأعمال هوجو فلوكريسيا بورجيا هي ابنة البابا الاسكندر السادس الذى كان محارباً اكثر منه رجل دين والذى استولى وحكم على الولايات الايطالية واحدة تلو الاخرى بمساعدة ابنه واقاربه الذين استقدمهم من أسبانيا ليوليهم على إماراته وملأت هذه الأسرة الأسبانية ( آل بورجيا ) إيطاليا بالدسائس والجرائم واشتهروا بدس السم لأعدائهم وحتى المحتملين منهم أو من طمعوا فى أملاكهم وكانت لوكريسيا هذه أحد أشهر أفراد هذه الأسرة بعد الأب والأخ فقد تزوجت عدة مرات وقتل أزواجها وكانوا من كبار أدواق المدن الإيطالية كما ساهمت فى العديد من المؤامرات وكانت أخلاقها سيئة كما يذكر التاريخ كأغلب نساء عصرها من الايطاليات فى عصر النهضة فكان بجانب الزوج هناك دائما عشاق معلنون (مرافقين) وعشاق فى الخفاء .
إلا أن هوجو يستعمل الشخصية فى سياقه الأدبي ليبرز ما فى أشد البشر قساوة وشرا من عواطف وقدرا ولو يسيرا من حب الخير لا بد منه فهو يبرز هذه الشخصية كأم مضحية يصيبها القدر بابعاد ابنها منذ طفولته عنها ليشب ويسمع عن سيرتها المخيفة للناس عن فضائحها التى تغمر ايطاليا فيكبر على بغضها لتصل المأساة إلى ذروتها لتنال عقابها بالطريقة الشعرية والمأساوية التي اختارها هيجو على يدي هذا الابن الذى هو الحب الصادق الوحيد لها .
أما الملك يلهو فيتخذ فيها هوجو شخصية الملك الخليع والشهواني من الملك فرانسيس الأول الذى حكم فرنسا مطلع القرن السادس عشر وأقوى ملوك أوروبا فى زمانه والذى اشتهر بفسوقه وبذخه فلم يسلم من خلاعته أي من رجال بلاطه بل كانوا يستغلون إشباع رغباته لنيل المناصب والالقاب والاقطاعات . ولكن يجعل هوجو أمره على المحك عندما تعرض لشرف مهرجه.
كان لكلا العملين أعظم النجاح على مسارح فرنسا فى زمن هوجو الذى حُمل على المحفات حتى منزله بعد بعض العروض . كما أنها ترجمت فى الحال الى أغلب لغات العالم ومُثلت على مسارحها بنجاح مماثل فلمثل هذه الأعمال طابع إنساني طاغي يجعلها تلقى ذات القبول فى كل زمان ومكان.