إن الإسلام عقيدة استعلاء، من أخص خصائصها أنها تبعث في روح المؤمن بها إحساس العزة من غير كبر، وروح الثقة في غير اغتدار، وشعور الاطمئنان في غير تواكل وإنها تشعر المسلمين بالتبعة الإنسانية الملقاة على كواهلهم، وتبعة القيادة في هذه الأرض للقطعان الضالة، وهدايتها إلى الدين القيّم والطريق السوي، وإخراجها من الظلمات إلى النور بما أتاهم الله من نور الهدى والفرقان. وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ يثير في نفس قارئه هذه المعاني كلها، وينفث في روعه تلك الخصائص جميعها، ولكنه لا يعتمد في هذا على مجرد الاستشارة الوجدانية أو العصبية الدينية، بل يتخذ الحقائق الموضوعية أدانه، فيعرضها على النظر والحس والعقل والوجدان جميعاً، ويعرض الوقائع التاريخية والملابسات الحاضرة عرضاً عادلاً مستنيراً، ويتحاكم في القضية التي يعرضها كاملة إلى الحق والواقع والمنطق والضمير، فتبدو كلها متساندة في صفه وفي صف قضيته، بلا تمحل ولا اعتساف في مقدمة أو نتيجة وتلك مزية من مزايا الكتاب.