تلك الشخصية الشهيرة في الأدب العربي. قرأنا عنها الكثير من القصص التي غَلب عليها الطابع الفكاهي والدعابة الخفيفة، ولكن جاء جحا مختلفًا في هذه المسرحية؛ حيث نراه في صورة الواعظ الذكي صاحب الضمير الذي يقول الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم؛ حتى ضج الوالي به، وأرسل إليه رجاله الذين حاولوا نصب الفخ لجحا ليتلفظ بما يسئ إلى الوالي؛ فيُعَاقب ويُسجَن ويتخلصوا منه، ولكن يقارعهم (جحا) بذكاء ومكر وبحس دعابة رائع لم يستطيعوا مجاراته إلا أن هذا لم ينجح في إنقاذه؛ فقد كانوا مبيتين النية على عزله وعقابه في أية حال. وقد تمنى (جحا) السجن عقوبةً له، لكنهم أرادوا له عقابًا أشد؛ فارسلوه إلى امرأته (أم الغصن) التي يعلم (جحا) أنها ستفعل فيه العجب العجاب، وستذيقه من لسانها السياط بعدما تعلم بعزله من منصبه؛ فنراه يقول: (ربي السجن أحب إلى مما يسوقوني إليه، اقطعوا رقبتي، ولا تسوقوني إلى أم الغصن!).
المهم بعدما يأخذ (جحا) ما فيه النصيب من (أم الغصن) سنتعرف على حياته وعائلته؛ حيث ابنته (ميمونة) وابنه (غصن) وابن أخيه (حماد)، ثم تتوالى الأحداث، وتتغير الظروف، ويصبح (جحا) قاضي قضاة (بغداد)، وحينها سيظهر مدى ذكاءه وبراعته السياسية التي استغلها في نصرة الضعفاء، وفي الحصول على حقوق المظلومين، وفي تحقيق الاستقلال وطرد الاحتلال.
أما عن اسم المسرحية فأتي من الحيلة التي ابتكرها (جحا) لاحراج الاحتلال؛ حيث جعل ابن أخيه (حماد) يبيع بيته لرجل آخر، ولكنه اشترط عليه ان تظل ملكية مسمار في هذا البيت له، ووافق المشتري ظنًا منه أنها مجرد نزوة وقتية؛ فقبل الشرط، وما كان يعلم أن (حماد) سيظل يتردد على داره ليل نهار متحججًا بالاطمئنان على مسماره. ويقول المؤلف أن المسمار هنا يرمز للذريعة أو السبب الذي يدقه المستعمر في كل بلد ينزل فيه ليبرر بقاءه؛ فالمسمار في (مصر) مثلًا كان الدفاع المشترك ضد الغول الألماني في وقت ما، وكان قناة السويس في أوقات أخرى، أو أي حجج أخرى يبرر بها المستعمر وجوده.