«المكان المصري — هذا هو التعبير الذي يحضُرني — يعكس الحضارات التي توالَت على الأرض المصرية، ما بين فرعونية وهيلينية وبَطْلمية وقبطية وإسلامية عربية، إنه يعكس التواصلَ الثقافي منذ نشأة الحضارة إلى زماننا الحالي، ليس في مجرد المظاهر المادِّية، وإنما فيما يتَّصل بتلك المظاهر، ويحيط بها، من سلوكياتٍ وفنون ومعتقَدات وتقاليدَ وأنماطِ حياة.»
هل يمكِن للمكان أن يتحوَّل من كونه عنصرًا ثابتًا وجامدًا فيصبح بطلًا دراميًّا وشخصيةً محورية ديناميكية في أيِّ عملٍ أدبي؟ هذا ما حاوَل الكثيرُ من الأدباء والكتَّاب إظهارَه خلال أعمالهم الإبداعية؛ حيث جعلوا من المكان بطلًا من أبطال حكاياتهم، إن لم يكن هو البطل الأساسي، و«محمد جبريل» أحدُ هؤلاء الأدباء الذين أعطَوا المكانَ أهميةً كبيرة في كتاباتهم. يُعَد هذا العمل الأدبيُّ المبدِع موسوعةً مختصَرة عن تاريخ مصر وأبعادها المكانية المختلفة، استقى كاتبُنا مادَّتها من خلال اطِّلاعه على مئات الروايات والقِصص لأبرز الأدباء والكتَّاب، الذين رسموا في أعمالهم صورةً فنية متَّسعة لمصرَ ولكل أمكنتِها — من أزِقَّة، وحارات، وأحياء، وميادين، ومدارس، ومساجد وغيرها — التي سنجدها في طيِّ هذا الكتاب مُرتَّبة ترتيبًا أبجديًّا.