قد يبدو الموضوع معاداً مكروراً، لاكته الألسن حتى عافته، وملئت به الأسماع حتى مجته، وهو كذلك حقاً وصدقاً، فقد تناوله اللغويون الأوائل منذ شرعوا في جمع مواد اللغة ومفرداتها، وبذلوا ما بذلوه في إيضاح دلالاتها، وأربى اللاحق منهم على ما ذكره السابق حتى لم تعد هناك زيادة المستزيد.
وعني البلغاء بها عناية اللغويين وأكثر ، فلم يكتفوا بإيضاح دلالة البلاغة في العربية وإنما ذكروا ما عرفوه عنها في غيرها من اللغات. وما نقله الجاحظ من سؤالهم الفارسي واليوناني والرومي والهندي عما تعنيه البلاغة عندهم خير ما يمثل هذه العناية .