«لا أذكر أني كنتُ من هُواة المشي، لكنني سأحرص — إذا أتاح الله لي حريةَ الحركة — أن أمشي بلا توقُّف؛ أنضم لتيارات الناس والزحام، أخترق الأسواق والشوارع والميادين والحواري والأزِقَّة، أسير على الكورنيش من رأس التين حتى المنتزه، أستعيد رؤًى وذكريات، لا يُدرِكني الملل. أستعير قول محمود درويش: إني هنا، وما زلتُ حيًّا.»
«الإنسان لا يموت دُون أن يوافِق على موته»، بهذه العبارة يفتتح «محمد جبريل» هذا العملَ الروائي الإبداعي الذي استطاع فيه، بقوَّة كتابته الأدبية، أن يحوِّل معاناتَه الحياتية، والوجعَ الذي ألمَّ به من جرَّاء مِحنة صحية كبيرة، إلى عمل فني جَمالي. في هذه الصفحات يصف لنا «جبريل» بدقَّةٍ رحلةَ مرضه الحافلة بالكثير من المضاعَفات والعمليات الجراحية والآلام التي استولَت على عدَّة سنوات من حياته، لكنه لم يشعر باليأس أمام تأثيرات المرض القاسية في جسده، بل حاوَل التغلُّب عليها بصبر وعزيمة، ليتمكَّن من هزيمة المرض والتخلُّص منه كأنْ لم يكُن. ولم ينسَ كاتبنا أن يَذكر فضل زوجته رفيقةِ دَربه، التي دعمَته وتحمَّلت معه مشاقَّ رحلته العلاجية بشتى تفاصيلها، وإليها وحْدَها أهدى كتابَه.