عيناها تلتمعان ببريق إعجاب احتل خلاياها كلها وهي ترمقه في جلسته المهيمنة كملك متوج .. شعره المصفف بعناية كما يجب أن يكون .. جبينه الوضاء الذي تجعد مع انعقاد حاجبين ظلّلا عينين صقريتين تتوهجان كشهابين من نار .. أنفه الذي يحكي بشموخه ألف قصة من غرور .. شفتيه اللتين ناقضتا كل هذا بابتسامة جليدية قبل أن تمتد أنامله ليشعل لفافة تبغ أخذ منها نفساً عميقاً قبل أن ينفثه ببطء ..
خطواتها تنجذب نحوه دونما وعي حتى تقف أمامه قبل أن تنحني على ركبتيها وهي تعقد ساعديها على ساقيه لتتمتع عيناها بصورة أقرب وهي ترفع وجهها إليه لتهمس بصوت مغوٍ: لن تقنعني ببرودك هذا .. تحت الرماد نار أكاد أحسها تلفحني بلهيبها .. فاتسعت ابتسامته القاسية موازية لصرخة دهشتها وهي تراه يغرس “سيجارته” المشتعلة في معصمه لتتجمد ملامحه بألم بدا وكأنه اعتاده ..
قبل أن يتصبب جبينه بعرق خفيف وهو يتناول مطفأة سجائره من جواره ينفخ بقايا رمادها في وجهها متجاهلاً سعالها .. وهي تتبع بنظراتها تلك الندوب على ذراعه والتي تعرف – الآن- سببها! .. ليقول أخيراً خلف عينين تموجان ألماً وقسوة وهو يتذكر آخر عبارة ل”طيفه” الغادر: حمقاء! وهل للرماد حياة؟! ..