وضع الشيخ يوسف القرضاوى في هذا الكتاب ما يُعين المفتي المعاصر على وضع فتواه في موضعها الصحيح، بحيث لا يغفل ما نبه عليه الراسخون من علماء الأمة؛ من وجوب مراعاة الأمور التي توجب تغيّر الفتوى: من تغيّر الزمان والمكان والحال والعرف، وما أضفنا إليه من موجبات أخرى اقتبسناها من فقه الواقع المعيش من حولنا؛ من تغيّر المعلومات، وتغيّر الحاجات، وتغيّر القدرات، وتغيّر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتغيّر الرأي والفكر، وعموم البلوى. وهذه كلها تعطي المفتي مرونة وسعة في الإجابة السليمة الموافقة للشرع في كل تساؤل يطرحه الناس.
إن المفتي الموفق هو الذي يحسن فقه النصوص الشرعية، رادّا الفروع إلى الأصول، والظواهر إلى المقاصد، ويحسن كذلك فهم الواقع، فلا يكتفي أن ينظر إلى ما هو واجب؛ بل ينظر إلى ما هو واقع، مزاوجا بين الواجب والواقع؛ كما يقول الإمام ابن القيم. وبهذا يسلم المفتي الملتزم إذ تكون فتواه محكمة، لا يخالفها نقل، ولا يناقضها عقل.