«نجيب محفوظ ابن مصر واللغة العربية وحضارتها؛ وإذن فليست «عالميته» أنه منخرطٌ في الحضارة «الغربية» بتنويعاتها المختلفة. إنه بالطبع مثقَّف معاصر، يقرأ في أكثرَ من لغة ويتفاعل مع تيارات الفكر والفن في العالم، وهو من الذين عايَشوا الثقافة الغربية معايَشةً عميقة، في الجامعة وخارجها، ولكن لحظة الإبداع شيء آخَر؛ إنها لحظة الانتماء الحضاري إلى وطن وأمَّة.»
كان فوز «نجيب محفوظ» ﺑ «جائزة نوبل» تتويجًا لمشروعه الأدبي الكبير من ناحية، وللثقافة المصرية من ناحية أخرى؛ فأدب «محفوظ» هو التجسيد الأوفى لمصر، تراثًا وحضارةً وحياة، أرَّخ فيه لمصر الحديثة والمعاصرة تأريخًا فكريًّا ووجدانيًّا واجتماعيًّا، وعبَّر من خلاله عن الرؤية الحضارية الإنسانية العميقة. ولما كان الدكتور «غالي شكري» من أوائل النقَّاد الذين انتبهوا إلى عبقرية «محفوظ»، وأشاد بها في كتابه «المنتمي» الذي يُعَد أولَ الكتب الناقدة لأدب «نجيب محفوظ»؛ فإنه يستكمل في هذا الكتاب دراساته عنه وعن أدبه؛ فيستعرض حياته وأفكاره وعالمه الجغرافي وبعض أعماله، وخاصةً مجموعته القصصية «صباح الورد»، التي يراها ثلاثيةً من نوع جديد؛ ثلاث مقطوعات تجسِّد الانتقال من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، ومن جيل إلى جيل.