تتناثر تهم الإلحاد على الألسنة كما تتناثر طلقات الإرهاب على الأبرياء. ويغدو الحديثة عن الدولة المدنية بدعة، والمجتمع المدني ضلالة، والتنوير هرطقة، وحرية الفكر سبيلا إلى التهمة، واجتهادات البحث العلمي اكثر الطرق إلى النار، والتجريب علامة على الزيغ، والابتداع شعاراً للخروج على الملة. ما تفعله الهوامش الذي ينطوي عليها هذا الكتاب، ومقالاته وأبحاثه وإيضاءاته، وتهدف إليه فى آن، هو تأكيد حضور هذا الأفق وأهمية التطلع إليه -دائماً- حتى حينما نكتب هوامش على دفتر التنوير، وحتى عندما تتحول هذه الهوامش -أحيانا- إلى آليات دفاعية لمواجهة “إظلام” الحاضر. لقد كانت دافعية كتابة الهوامش -فى أغلب حالاتها- بحثا عن العلة والداء، وتطلعا إلى إجابات، وطرحاً لأسئلة، واستنباطا لحلول ممكنة.