تتحوَّل الغُربة إلى واحة عندما تلتقي فيها بأناسٍ يَنفُون عنها صفة الغُربة، فتشعر أنك في مكانك، ويصبح الانتماء إلى أشخاصٍ بعينهم هو الدفء الذي يُذِيب ثلجَ البلاد الباردة. كانت لندن على مَدارِ عشرِ سنواتٍ واحةً أخرى في فضاءِ «عناني» الشاسع، جاء إليها عام ١٩٦٥م طالبًا للعلم، ثم سرعانَ ما احتوَته المدينة ومثَّلت نقطةً مهمة في مَسيرة حياته الإنسانية والأدبية، فأفرد لها الجزءَ الثاني من سِيرته الذاتية التي جاءت حافلةً بتفاصيل حياةِ المصريين في إنجلترا، والشخصياتِ التي قابَلها هناك مثل «الطيب صالح» و«سمير سرحان»، والصعوباتِ التي واجهَته وتغلُّبِه عليها، وانفتاحِه على ثقافاتٍ مختلفة، وتَلقِّيه أخبارَ الصراع العربي الإسرائيلي، وأثَر كل ذلك عليه، مع الانتباه إلى سِمات المجتمع الإنجليزي، والتحوُّلات التي شَهِدها خلال فترة الستينيات، والطبيعة التي تميَّزت بها لندن، ورحلته إلى الريف الإنجليزي.