«وأصبحَت شُهرته تشمل العالَم العربي أجمع، بل إنه تولَّى قضايا دولية خارج العالَم العربي. ولكن العجيب أنه مع كل هذا النجاح بقي له شيءٌ هامٌّ من هوايته القديمة؛ فهو يُمثِّل في كل تصرُّفٍ يعمله؛ يُمثِّل في المحكمة، يُمثِّل مع أبنائه، يُمثِّل مع أحفاده، والغريب الغريب أنه يُمثِّل مع الممثِّلة الشهيرة زوجته، وكانوا جميعًا يضحكون فيما بينهم على طريقةِ تمثيله ويزدادون له حبًّا من أجلها. لم تمر هوايته عبثًا. لقد بقي منها شيء … بقي منها شيء كثير.»
بأسلوبه المميَّز يأتي لنا «ثروت أباظة» بهذه المجموعة القصصية التي استطاع من خلالها أن يرسم صورةً صادقةً عن حالة الإنسان ومشاعره ووجدانه وأفكاره وصراعاته الداخلية؛ ففي قصة «وبقي شيء» — التي اتَّخذ من اسمها عنوانًا لهذه المجموعة، والتي تحمل الكثيرَ من المعاني الجميلة عن الكفاح والمثابَرة والتغلُّب على ظروف الحياة القاسية — يُحدِّثنا كاتبنا عن حياة «بهجت»؛ الشاب الصغير الذي تَكبَّد الكثير من العناء منذ صِباه، فلم ينعَم بعيشةٍ مريحةٍ مثل رفقائه، ولم يَعِش طفولته وشبابه كما أراد، لم يَرِث شيئًا من والده سوى الفقر المُدقِع، فاضطُر إلى العمل طوال الوقت ليُؤمِّن لنفسه ولأُمه عيشةً راضية، ولم يخنع لظروفه التَّعِسة، بل كان مكافحًا ودَءُوبًا. ومرت السِّنون وصار طالبُ الحقوق قاضيًا مشهورًا مثلما أرادت أُمه، وفي الوقت نفسه لم يَغفل عن تحقيق حُلمه بالتمثيل الذي طالما أحبَّه.