“… الموت أصبح جد قريب الآن. وأكيد أنه سيكون موتاً جميلاً لأنه من أجل روزالي. وعلى الخط الفاصل بين الشرق الذي طردني والغرب الذي رفضني. فتحوا الباب. فكوا القيد ثم أمروني أن أتبعهم ففعلت… الليل ينجلي ببطء. البحر هادئ. الشوارع فارغة. والمدينة تختلج بيضاء، مثل نورس هائل في انتظار طلوع الشمس. في الميناء، رافقوني حتى مدخل الباخرة التي كانت تستعد للإبحار. وبعد أن ختمت شرطة الحدود جوازي، سلموني حقيبتي ثم قالوا: لا تعد إلى هنا أبداً. أبحرت الباخرة. وعندما اختفت المدينة في الضباب الصباحي، همست: وداعاً روزالي! ثم انكفأت فكأني ما عشت وما كنت أبداً”.
عندما يذوب الإنسان في عذابات الوجود، تبقى كينونته المفقودة مبعثاً لتعاسته الهارب منها إلى فكرة، إلى زاوية، إلى وهم ربما دفع في سبيله حياته، وهكذا يمضي حسونة مصباح متلبساً بالشاعر الباحث عن ذاته، متنقلاً بين عوالم مختلفة يقترب منها وتنأى عنه لتستقر نفسه مع روزالي التي بقيت في ضميره حلماً ضاع منه إلى الأبد