يتجدد بين حين وآخر الجدال حول توصيف الحقبة العثمانية في تاريخنا ، ووصف ما حدث سنة ١٥١٧ م./٩٢٣ه . عندما دخل سليم الأول مصر : فهل نسمي هذا فتحا أم غزوا ؟
بينما واقع الأمر أن الإشكالية ليست في مصطلح الغزو والفتح : فهناك اتجاهان أساسيان في النظر إلى الموضوع ، اتجاه يرى أن ما حدث كان احتلالاً أجنبيًا للمنطقة العربية أضعفها وأدى إلى تدهور أوضاعها وأدخلها في مرحلة من الجمود الحضاري انتهت باحتلال القوى الاستعمارية الغربية لها ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الجمود الذي صاحب الحقبة العثمانية في تاريخ المنطقة كان السبب الأساسي في نجاح الدول الأوروبية في احتلال المنطقة بلدا وراء بلد.
والاتجاه الثاني يرى أن ما حدث كان مجرد تبدل في الدول والأسرات الحاكمة الإسلامية داخل الإطار الحضاري والثقافي نفسه ؛ حيث حل العثمانيون محل المماليك، مثلما حلت دولة المماليك محل الدولة الأيوبية ، ومثلما حلت الأسرة العباسية من قبل محل الأسرة الأموية في حكم الدولة الإسلامية ، ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن الدولة العثمانية الفتية قد حمت المنطقة من التوسع الاستعماري الغربي لقرون. ومن هنا فربما يكون الأكثر ملائمة أن نناقش هل ما حدث كان احتلالاً أم فتحا غزوا ، وأن نناقش أيضًا أثار ما حدث على تطور التاريخي للمجتمع المصري.