ألفه الإمام الجليل بالعربية وهو تفسير قيّم لفاتحة الكتاب وثلاثين آية من سورة البقرة، يبيّن بعبارات موجزة الإعجاز النظمي للقرآن الكريم أي جهة مناسبة الآيات بعضها ببعض، وتناسب الجمل وتناسقها، وكيفية تجاوب هيآت الجمل وحروفها حول المعنى المراد، معتمداً في ذلك على أدق قواعد علم البلاغة، وعلى أصول النحو والصرف، وقوانين المنطق ودساتير علم أصول الدين، وسائر ما له علاقة بذلك من مختلف العلوم. وقد أملى المؤلف هذا التفسير البديع عندما كان رصاص الروس ينهال عليه من كل جانب في أثناء الحرب العالمية الأولى، فلم يثنه ذلك الموقف الرهيب ولم يُذهِل فكره الثاقب عن الجولان في مناحي إعجاز القرآن المبين.
أُلحق بالكتاب “قالوا عن القرآن” للأستاذ الدكتور عماد الدين خليل.
هذا الكتاب جليل القدر قوي الحجة، يمثل اجلى تمثيل القدرة الفائقة للأستاذ النورسى، وراء المعاني الدقيقة في كتاباته كلها، لاسيما العلمية المختصة منها ولقد كانت تلك موهبة عبقرية، وهبه الله تعالى اياه، لينظر في كتاب الله تعالى من خلالها ببصيرة نافذة، ومعرفة كلامية وبلاغية عميقة، وذوق ذاتي رفيع، ومنهج عقلي سديد، يلتمس الكشف عن الحقيقة، ويبغي ايصال الانسان الى اقتناع كامل بكون هذا القرآن معجزاً، بحيث يجد العقلاء والفصحاء في انفسهم ضرورة الايمان والاعتراف بأنه الكتاب الحق الذي نزل من عند علام الغيوب على رسوله الاكرم محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة وازكى التسليم، كي يضع الانسانية على طريق دعوة الحق، وينور بصيرتها بنور الايمان، و ادراك اليقين للوصول الى العبودية الخالصة لرب العالمين.
لقد استطاع الاستاذ النورسى ان يصقل موهبته الفذة بدراسة العلوم الاسلامية والفلسفات القديمة والعلوم الانسانية والصرفة المعاصرة، زيادة على اطلاعه الواسع على الادب والبلاغة العربية في كتب امثال الجاحظ و الزمخشري و السكاكي لاسيما كتب النحوي البلاغي الكبير الامام عبد القاهر الجرجاني حيث آمن بنظريته المشهورة في النظم و اعجب بها ايما اعجاب في هذا الكتاب.304