ما الذي فعله محمد الماغوط بنا، وكيف صار لهذا الشاعر المتشرّد على الأرصفة، أن يصنع للعراة تاجاً من الوحول، وأجنحة للحلم والتمرد؟
من أي منجم عميق، نبش كل هذه الكنوز من الآلام والشكوى والمرارة؟
ومن أية فاكهة غامضة، اخترع كل هذه الكيمياء من عصير الحياة المرة؟
وكيف صنع من عجينة الموت اليومي، كل هذه التماثيل، مثل خزاف سومري ذاهب إلى الأبدية؟
قبل نصف قرن، جاء إلى مائدة الشعر جائعاً، فقلب الطاولة على الجميع ثم صفق الباب وراءه وخرج، كأي مغنٍ جوال، يشكو آلام العزلة وخراب الروح، حزيناً إلى حدود الصراخ، ووحيداً مثل بدوي تائه في الصحراء في ليلة مظلمة.
وها هو يهتدي إلى بوصلة الشعر، ويقذف حممه إلى كل الجهات