منذ صدور صحيفة “الناقد” صيف عام 1988 و”الصادق النيهوم” كاتبها الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق، وكاتبها الأكثر جرأة في التصدي للمفاهيم الغيبية السائدة عن الإسلام، وكاتبها الأكثر استفزازاً لأصحاب الأفكار المسطحة، ناهيك عن كونه الكاتب الذي شغل كل رقيب في الإعلام العربي، ربما أكثر من أي كاتب معروف حتى الآن. وبقدر ما شغل الصادق النيهوم الرقباء، شغل القراء.
فخلال ثلاث سنوات من عمر “الناقد”، حمل البريد إليها من الرسائل معه وضده (وضده كان أكثر من معه) تفوق ما وصل إليها عن أي كاتب آخر ظهر على صفحاتها. واستل القراء أقلامهم وشحذوها في مواجهة آراء الصادق النيهوم. لذلك أراد المؤلف لهذا الكتاب عند إعداده، أن يضم بين دفتيه، كل الآراء التي طرحها الصادق النيهوم وتصدى لها القراء ونشرت في “الناقد” حتى يكون للكتاب شموليته وديموقراطيته، وبالتالي يحافظ على جدليته.
وبالرجوع إلى محتوى هذا الكتاب “الإسلام في الأسر” نجد أنه كتاب جدلي يطالب في أحيان كثيرة بالمستحيل ليصل إلى الممكن. ولكنه في الدرجة الأولى كتاب ثوري، بكل ما تحمله هذه الكلمة من عنفوان وحقيقة، لا مواربة فيه ولا وجل ولا دجل. وهو كتاب يتحدى فيه العقل العربي، المغلق على مفاهيمه التقليدية الاستسلامية، وهو كتاب تبشيري يبسط مفاهيم الإسلام البسيطة والجريئة، بعد أن يعري كل الغيبيات التي حولها. كما وأن هذا الكتاب كتاب أسئلة أيضاً. أسئلة التاريخ الجوهرية القادرة على التحريض على طلب مفاهيم ثقافية عربية جديدة، لها صلة مباشرة بفكر جماهير الناس العاديين. والصادق النيهوم في أسئلته هذه يحاول أن يخلق عن طريق هذا التحريض ثقافة الإسلام الديموقراطي، تجاري العصر، وتسهم في معانيه الحضارية لتفسح في مجالات مواكبته للقرن الواحد والعشرين