إنها ثنائية مخيفة ومرعبة في عالمنا اليوم .. أن تقول السياسة ؛ فهي في أبسط تعريفاتها فن الممكن وكل ما هو ممكن فلابد من الوصول إليه وبأي طريقة . وكثيرا ما ينتفي العنصر الأخلاقي في السياسة .. وأن تقول الدين ؛ فقد صوره نفر من الناس على أنه يضع أحكاما ساذجة تسفك دم الآخر وتلزم المرأة بالحجاب وتحرم التلفاز . وربما تحرم أشياء أخرى لا تدل إلا على قلة فقه وبصيرة هؤلاء. لقد حصل ارتكاس وتقزيم لعلاقة الدين بالسياسة ، فالدين علاقته بالسياسة علاقة رعاية وهداية ونصح وليست قهرا أو خدمة أو تلميعا لوجه من لا يستحق . ترى ما هي علاقة الدين بالسياسة حسب رأي المفكر الكبير الدكتور محمد عمارة ؟ وهل في الإسلام تعددية سياسية ؟ وهل يقر الإسلام بالملل المختلفة والتعايش السلمي بينها ؟
وهل وعى الإسلاميون تلك المقولة الرائعة للداعية الإسلامي الشيخ معاذ الخطيب والتي مفادها (نفضل أن يصل الإيمان إلى أصحاب الكراسي)؟ وهل وعت مجتمعاتنا العربية أن فسح المجال لعمل الإسلام السياسي في ضوء خير من أن يعمل في الظلام . وأن ألوان الطيف الفكرية المتعددة تهب أمنا حقيقيا للمجتمع في ظل تداول سلمي وحر للأفكار والسلطة ؟!! إن تصريحات الدكتور رفعت السعيد بشأن الإسلام السياسي تمثل غلوا وتطرفا نأمل منه أن يعاود مراجعة نفسه ومنطلقاته الفكرية . فلا سلامة لمجتمع يريد بعض أبنائه حجب الضوء وامتلاك الحقيقة وكتمانها عن الآخرين . والمثقف الذي لا يسعى لرأب الصدع وجمع الكلمة والدفاع عن الحريات العامة هو مثقف من الدرجة الثالثة . وربما – في أحسن الأحوال – سيفقد مصداقيته واستقلاليته فقط