مثل سراب خادع يلمع فوق سهوب بعيدة… سراب يمتد ويمتد، هكذا يبدو الآن ركام حكايات “الزمن الموحش” شفافاً لامعاً، عصياً على اللمس، عصياً ربما على الإدراج، حكايات حيدر حيدر التي أفلتت في غروب يوم كئيب مع شمس دمشقية، تهوي بلا استئذان خلف قمة قاسييون الأجرد لتحكي زمن الفشل العربي… قصص تمتزج بالأسى… باللوعة… بالحزن… فكيف السبيل إلى إيقاظ العربي الغائب في زمن حكم على إسرائيل بالانتصار وعلى العرب بالهزيمة!!
ها هم هناك ضائعون بلا ذاكرة. غارقون في مستنقع التاريخ. ولدوا في عوالم مختلفة، متناقضة. عوالم فردية. جاؤوا من بلاد قصية مطرودين، ملهوفين، مسكونين بالاحلام والمجد والظمأ.وهنا عاشوا بحنين لا حدود له لماضيهم وللرحم الذي انسلوا منه يوما، بعد ان نسوا بناء مدن نفوسهم في صحارى مقفرة، يحدها الانقراض من الجنوب، والاغتصاب من الشمال، ومن الغرب البحر، ومن الشرق الرمل. وتحت جلودهم وشل التاريخ كله.احسهم تاريخا عابرا، حفر على جدران ذاكرتي لكن ذلك التاريخ عصي على اللمس، متمرد على التكوين السوي، بينما تتقدم “منى” بهية ، موردة كالشفق، وهم يمضون باعمارهم وتواريخهم الملوثة والمدماة كأنما اخذتهم غيبوبة.