يبدأ كاتب السيرتان بتأويل معنى الطفولة والعلاقة بينها وبين الواقع والخيال وفق رؤية فنية فلسفية “لا طفولة إلا في النسيان، المعلن منكَ هو هِبة النسيان، المُستتر منكَ هو هبة النسيان، ما يحدث لكَ في شفق عمرك الأول يحدث هناك، بعيداً عن أملك، وما يحدث لك في غسق عمرك الثاني يحدث هنا، بعيداً عن اليقين…” بهذا التقديم يعبر سليم بركات عن تجربة حياة، وتجربة كتابة وخاصة إذا ما عرفنا أن “السيرتان” يضم بين دفتيه نصين قديمين سبق أن نشرهما المؤلف بين عامي 1980 و 1982، أي في بدايات الرحلة الإبداعية، وهي جمع لكتابين: الأول حمل عنوان “الجندب الحديدي” ، والكتاب الثاني “هاته عالياً، هات النفير على آخره”.
وبالعودة إلى السيرتان تبدو للقارىء نشأة للكاتب الممتدة من جسد الجغرافيا الشرقية السورية، حيث ولد، عميقة التفاصيل، لطفولة “الكردي” وقد أقامها بركات على أسلاك نوستالجيا موجعة، محاطة بالأسلاك الشائكة، التي وضعها الكبار في محاولة للإنفلات منها، ولكن عبر الكتابة …