كتاب أقل ما يُوصف به أنه كتاب فذ، نادر، ممتع في حجاجه واستدلاله وعقله ونقله.. بغض النظر عن مؤلفه وتدافع الآراء عنه وعن شخصيته
وهو في الرد على الرافضة والزيدية، في باب الإمامة والمفاضلة بين عليّ رضي الله عنه وبين الإمامين الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
أتى فيه الجاحظ، الإمام المعتزلي الموسوعي الشهير، بحجج عقلية ونقلية واسعة، ونقد وردود لم أقرأ مثلها من قبل.. بأسلوب رفيع بليغ، لا يُمل، ولا يُستغرب من مثله.. وإني لأعجب كيف لم يحظ هذا الكتاب بكثير من الشهرة في هذا الباب، وهو جدير!!.. مع ما لصاحبه من ميلٍ لبني العباس ودولتهم – وهم هاشميون – وما له من كلام في ذم بني أمية، مما يدفع عنه شبهةً تُشهر في وجه كثيرٍ من الحق، وهي مداهنة بني أمية، والميل لهم
بعد انتهاء الكتاب، أعقبه المحقق ببعض ردود أبي جعفر الإسكافي على الجاحظ.. فكأنما يا أخي خرّ بك من السماء إلى سافل الأرض!! فشتان بين كلام الجاحظ وحججه وأسلوبه، وذلك الكلام السمج المكرور المتهافت، الذي أورده الإسكافي، والذي قد أشبعه الجاحظ رداً في الكتاب نفسه.. ولا أحسب عيناً مُبصرة يُخطئها الفرق بين قولين بينهما هذا البون الشاسع
وبعدُ، فأدعو إلى الاستمتاع بهذه الوجبة العقلية الشهية، والرحلة الفكرية الثرية الممتعة.. مع ما فيها من فوائد ومنافع، وقد عزمتُ له على قراءة أخرى متأنية متمتعة