الافتراض الرئيسي هو أنه في المسار المتتالي أو الذي يحدث في وقت واحد من جانب الحضارات المختلفة المعروفة- الحضارات المصرية والعراقية والمينوية والهندية والشرق الأقصى، والهلينية- الإيرانية، والبيزنطية والغربية والشرق الأوسط- تكشف لنا الرؤية التاريخية عن تكرار مستمر عميق وعن دلالة عميقة للخبرة الإنسانية على نطاق بطولي. وعندما نصوغ هذه المسألة في كلمات، فإن الافتراض قد يعبر عن ظهور مبدأ مهيب بعض الشئ، إلا أنه بلا ريب كان دائماً مبدأ كل عالم كلاسيكي. ولو لم نكن مقتنعين بأن الوعي الهليني، حتى في صور التعبيرات المتناثرة التي وصلتنا، ولو في دخيلة نفوسنا، ملئ بالحيوية وزاخر بالتجربة، أو بعبارة أخرى على درجة من (العصرية)، مثلما تماماً، لو لم نكن مقتنعين بهذا، لما كان ينبغي أن ننجذب نحوه غير قادرين على المقاومة كما أنجذبنا إليه، وما كان لنا أن ندعه يصيب من علمنا العقلي هذا القدر الذي أوليناه، والذي كان حتى ذلك الحين مستحيلاً، وهو مشاركة معاصرينا الهلينيين في الأفكار والمشاعر. وأياً كان الأمر، فإن قراء هذا الكتاب، هم على الأرجح، أناس يتكلمون الإنجليزية، وتلقنوا دراسات أخرى غير كلاسيكية، وعلى هذا فليس لديهم هذه الخبرة الشخصية النشطة، التي تجعلهم يحددون، منذ الطفولة، ماذا تعنى الدراسات الكلاسيكية في أصلها للعقل الغربي الحديث. إن الانطباع الذي يحدث عند مثل هؤلاء القراء سوف يكون تجربة أصدق من فشل الكتاب أو نجاحه، ويعرف كل مؤرخ أن النجاح في مسعاه الإنساني السامي إنما تمنحه له معجزة فقط