المجلد الثاني التحول : (٢) التأليف : تمثل الوافد – تمثل الوافد قبل تنظير الموروث – تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
«يبدو موقف أرسطو مُتفقًا مع الفطرة الإسلامية؛ أي الفكر الطبيعي الذي يجعل الطبيعة قيمة. ويبدأ بالبسملة … وينتهي بالدعوة إلى الله بالتوفيق للصواب.»
انتهى المُؤلِّفون الإسلاميُّون من عَرض الوافد واستيعابه، وبدأَت عمليةُ «التأليف». ويُمكِن حصرُها في ثلاثة أنماط يَتنازع فيها الوافدُ والموروثُ السيادةَ داخل عقلية النص التراثي الإسلامي؛ فتبدأ بسيادة الوافد وسيطرته على النص وتَمثُّله تمثلًا تامًّا ومُنفرِدًا داخل النص، ثم يَظهرُ الموروث على استحياء مُتفاعِلًا مع الوافد، ولكنه مُتأخِّر عنه من حيث الكم والكيف، إلى أن يَتعادل تأثيرُ كلٍّ منهما في النص في حالةٍ من التَوازُن. وقد استمرَّ تمثُّل الوافد في النصوص التراثية تاريخيًّا، ابتداءً من القرن الثالث وحتى القرن السابع الميلادي، بنِسَب متفاوتة داخلَ نصوص التراث، بحيث لا يُمكِننا أن نقول إن فترةً زمنيةً مُعيَّنة هي الحدُّ الفاصل لكل مرحلة.