حتى مُنتصَفِ القرنِ التاسعَ عشرَ لم تَكنْ الثقافةُ العربيَّةُ تَعرفُ فنَّ المسرحِ الذي كان سائدًا في أوروبا التي توارثَتْه من مسرحِ الأساطيرِ الوثنيَّةِ في زمنِ الحضارةِ اليونانيةِ القديمة، ثمَّ المسرحِ الدينيِّ في العُهودِ المسيحية، وجرى عليهِ الكثيرُ من التطوُّرِ خلالَ عصورِ النهضةِ والتنويرِ الأوروبيةِ حتى أصبح فنًّا شديدَ النُّضج، بينما واجَهَ المسرحُ العربيُّ الوليدُ العديدَ من المُشكلاتِ والصُّعوبات التي أبطأَتْ من مَسيرتِه وتَبلوُرِه كفنٍّ مُستقِل؛ فقد اعتبرَه البعضُ دخيلًا على الثقافةِ العربيةِ وبدعةً غربيةً تستهدفُ القِيَمَ والأخلاقَ الشرقية، كذلك واجَهَ «المسرحُ النثريُّ» منافسةً قويةً من «المسرحِ الغنائيِّ» الذي مالَ إليه الجمهورُ بشدةٍ في البداية، وإرضاءً لهذا الجمهورِ كثيرًا ما كانت لغةُ المسرحياتِ المقدَّمةِ عاميَّةً ركيكةً يَغلبُ عليها الابتذال. يُحدِّثُنا عن ذلك كلِّه الناقدُ الفنيُّ الكبيرُ «محمد مندور».