تتحدّث رواية (الوحوش) عن الحرب الّتي دارت في البوسنة والهرسك بين عامَي (1992-1995م)، أبطالُها عاديّون لكنّهم حقيقيّون، وكلّ واحدٍ يروي قِصّته، كلّ واحد يكشفُ عن آلامه الكبيرة، عن آماله الصغيرة، عن ذاته المسحوقة، عن ذكريات البيت والأهل والمدرسة والحيّ والوطن، عن أحزانه السّوداء، عنه في تفاصيل لا يلتفتُ إليها إلاّ مَنْ عاني من وحشيّة الإنسان ضِدّ أخيه الإنسان.
الضّحايا في هذه الرّواية قاموا من قبورهم المجهولة ووقفوا على أقدامهم، وأشاروا إلى الجَلاّدين، لكنّ أحدًا لم يكنْ يراهم. كانوا يتكلّمون بلغةٍ واضحة، ولكنّ أحدًا لم يسمعهم. هذه الرّواية صرخةٌ في وجه الظُّلم الّذي لا يتوقّف، ونِداءٌ من أجل أنْ تحلّ الإنسانيّة مكانَ الوحشيّة، ومحاولةٌ في أنْ تُزيل عن اللّوحة الّتي نُسِيَتْ أو كادتْ غِطاءَها الأسود.