جاءت رواية “أرصفة وجدران” لمحمد زفزاف، لتحمل بين ثناياها الموقف الوجودي العدمي من العالم، من خلال “بو مهدي” الطالب الجامعي الذي يدرس الفلسفة. ويتأثر بفلسفة الوجود عند “سارتر” فيتخذ الراوي في الفلسفة الوجودية إطاراً لتصوير أحداث الرواية، ومجالاً فكريا...
ولا يستثني البطل في كراهية العالم حتى أمه “إني أكرهها وأكره حتى البيت الذي يجمعني وإياها، إنها لا تعجبني، لست أدري لماذا“. كذلك يعبر العمل من خلال بطله بومهدي عن أفكار العبث وسخافة الحياة ولا جدواها “انطلق كورقة صفراء تدفعها الريح“.اعتبر كثير من النقاد أن إغتراب الشخصية في هذا العمل والتي جسدها الراوي من خلال بطله بومهدي، ليس لها جذور في أرض الواقع المغربي باعتبار البون الشاسع، فكراً وحضارة وثقافة بين المجتمع المغربي والمجتمع الغربي، ذلك أن الفلسفة الوجودية التي تأثر بها أدباء أوروبا كانت تعبر عن تجربة تاريخية وذاتية مؤلمة عاناها الناس بعد الحرب العالمية الثانية. أما جوهر فلسفة الوجود في الفلسفة العربية والإسلامية فهو يناقض ما جاء في الرواية، وخصوصاً أن ابن سينا في كتابه “الإرشاد” جعلها مرادفاً للفظ الجلالة الله…
هذا هو محمد زفزاف بكل بساطة وتعقيد ، حيث يقول في روايته أفواه واسعة ” أنا لست كاتبا ، ولم أحلم بأن أكونه ذات يوم . إنني أعرف أن كثيرا من الناس يحلمون بأن يكونوا كتابا أو رسامين أو مغنيين أو ممثلين أو كاشفي عوراتهم حتى يقال بأنهم موجودون وانهم أنجزوا شيئا في هذه الحياة . وانهم سوف يظلون موجودين . هذا هراء ، ولهذا لم أفكر في الكتابة ذات يوم . لا من أجل إثبات الذات ولا من أجل الخلود . أن توجد أو لا توجد أو لا تجود تلك مسألة لا تعني أحدا إلا أنت . كل إنسان لا يهتم إلا بنفسه ولا يعجبه إلا طنين رأسه ، وهو يعتقد أن الأخرين يهتمون به . عندما يكتب الكاتب فإنه يعتقد أن كل الناس يهتمون بما كتب . وفي الحقيقة فإنهم يقرؤونه ، فإنما ليبحثوا عن أنفسهم وعن مثالبهم الخفية فيما يكتب . أنا لست كاتبا ، وإنما إنسان يحاول أن يعطي انطباعات عن هذا العالم ” .