ولم يكن من سوء حظ الجيل أن طحنته أحداث الخليج وأحداث السوفيات في وقت واحد بين حجري الرحى. كان العالم وما يزال يولد مرة أخرى من جديد، فمن يسوءه أن يعايش هذه اللاحظة التي لا تتكرر من التاريخ؟
وهذه الصفحات إذن ليست أكثر من معايشة العقل والقلب لعامين، ربما كانت بدايتهما الرسمية عام 1990، ولكن البداية الفعلية قبل ذلك بكثير، أما نهايتهما فلا أحد يجرؤ على تحديدها.
إن لحظة الولادة لا تقاس بعدد الثواني أو الدقائق أو الساعات التي يدلف بها الجنين إلى عالم مجهول. نحن إلى الآن ولزمن يطول نشهد ولادة عالم جديد لم تتحدد ملامحه بعد، وسواء أردنا أو لم نرد، وعينا أو لم نع، فلن نكون في جميع الأحوال ـ كما كنا في أزمنة مضت ـ من المتفرجين. ذلك أننا جزء لا يتجزأ من هذا العالم، نولد معه أو نموت خارجه حسب الإرادة والقدرة على الانتساب إلى المستقبل.