لقد ظهر من خلال التجربة للحركة الإسلامية المعاصرة أن الشيء إذا لم تكن أبعاده واضحة لا يؤتي ثماره، وبعض أبناء الحركة الإسلامية المعاصرة اعتمدوا التربية الصوفية فكراً وسلوكاً بشكل مجمل، فقد ذكر الأستاذ البنا في رسالة التعاليم كيف أن مرحلة من المراحل في دعوته أنها حقيقة صوفية، ولكن الذي حدث أن تفسيراً سلفياً في السير إلى الله لم يتم، فكان آثار ذلك أن كثيرين من أبناء دعوة الأستاذ البنا كانوا يستشعرون فراغاً وخواءً روحياً، فأدى ذلك ببعضهم إلى السلوك على يد شيخ أو شيوخ لم يعرفوا حقيقة الدعوى الإسلامية المعاصرة وضرورتها، فحرفوهم من واجبات هي في الذروة من فرائض الله في هذا العصر.
من هنا انطلقت فكرة هذا الكتاب الذي يبحث في أسس تربية إسلامية صوفية صافية وذلك محققٌ من خلال دراسة الكتاب والسنة وتطبيق ذلك. لذا فقد حاول الباحث أن يقدم وفي سبيل تربية روحية نوعاً من التصوف محرراً على ضوء الكتاب والسنة ومذاهب أهل الحق، لإيمانه أن هذا وحده هو الذي يجب أن يكون وأن يصير إليه الناس جميعاً، فالسير إلى الله لا يمكن أن يلغى، بل يجب أن يكون حثيثاً، كما ينبغي أن يحرر ويدقق، وتحرر مسائله تحريراً دقيقاً، فليس الصوفية ولا غيرهم معصومين، وإنما المعصوم هو الكتاب والسنة، لذا كان هذا الكتاب في سلسلة غرض الباحث منها دفع الأوهام التي تنتج حوله هذا الموضوع، وذلك لإنهاء الغلو المشار فيه.