ثلج صدري، ووضعت على صدري الوسادة ومددت رجلي على ركبتي أحمد الجالس على حافة السرير ليسمع لفريد، قلما يحفظ فريد شعره لكنه حفظ هذه الأبيات ل”بلند الحيدري” كأنها يهديها إليّ ولحبي لمظفَّر المرهون في سجنِ ينتظرنا جميعًا، لا أعرف بالضبط ما سر ولعي بهؤلاء المطاردين، مر الهاجس فاعتدلت جالسًا، إنهم مبدعون يحلمون بأكثر مما يحلم به الزعماء، وإذا قال الزعيم نزرع شجرة يزرعون هم البساتين، ونحن نحفر في كل أرض وننظفها من الموت لنزرع، واحفظ بذور العام تلو العام، أضع البذور في الأكياس أخبأها من نار الشمس والحشرات والعفن .. وحين نكون في مقهة “جادو” ومباريات الطاولة في قمة إثارتها أنهض كالملسوع بظني أن كيس البذور قد وقع بين أسنان فأر!
ثلاثة عقود من الزمان شهدوا نضال جار النبي الحلو في الكتابة بدأبٍ وإصرارٍ بالغين، حرص جار النبي طوال تلك الفترة أن يكتب وينشر ـ وإن كان بعيدًا عن الأضواء والمقاهي ـ يعيش في بلده، يعيشها ويستلهمها ويتواصل مع أهلها، فيمدونه بهذا الكم الذاخر من القصص والحكايات، وبما هو أهم، تلك المشاعر الرقيقة والدفء الحميم
لو كان لنا أن نبرز خاصية أساسية في كتابة “جار النبي الحلو” وشخصيته فإننا نركز على خاصيته الحميمية، جار النبي شخص حميم الصلة بالبشر شديد التعاطف معهم ..