كثيرا ما تساءلت كيف كان ممكنا للعرب في الماضي أن يستغنوا عن الصورة. يبدو أنهم ما كانوا يهتمون لذلك إطلاقا، وهم على أي حال لم يبذلوا أي جهد لتحديد صورتهم. ماذا كانت صورة هارون الرشيد، والمتنبي، وابن رشد؟ لن نعرف ذلك أبدا. مع أن الرسم كان موجودا في بعض الحقب، غير أنه ما كان يخطر على بال أحد أن يستخرج صورة لنفسه. لم يكن لأسلافنا وجه. لست أتأسف لهم، كل ما أحاول معرفته (لكن ليس هذا مجال الدخول في التفاصيل) هو المكسب الذي حققوه بامتناعهم عن التمثيل بالصورة. وإذا كان غياب الصورة نقصا فكيف عوضوه؟ الثقافة التي تحظر الصورة أو تهملها، ألا توظف ذاتها في مكان آخر، في الكلمات، وفي النصوص، وفي أدب فريد؟ ربما كانت هذه هي الوجهة التي ينبغي منها مساءلة ظواهر مثل السجع، والألعاب اللفظية، وتقنيات تجويد الخط التي تحاول تصوير النص وتشخيصه.