تتوالى في هذا الكتاب مجموعة من الفصول التي رواها مؤلف معتد بنفسه عن بعض الحوارات التي دارت بينه وبين أستاذه الذي كان هو الآخر أكثر اعتدادا بذاته وآرائه، وقد دارت هذه الحوارات حول كثير من الموضوعات العابرة التي قدر لهما أن يختلفا في رؤيتها، وأن يعبرا باختلافهما عن موقفين متباينين من الحياة والبشر والتاريخ والمستقبل، وأن يخرجا من صراع الفكر بشرارات قادرة على التنوير والإضاءة والإشعال، فضلا عما تشيعه هذه الشرارات من طاقة كفيلة بتغذية آليات الفهم والتكييف والتكيف.
ومع أن الرؤية المنحازة للمؤلف الذي سجل حواراته مع أستاذه تكاد تطغى على ما رواه، فإن الزمن الذي كتبت فيه الحوارات قد فرض على المؤلف من دون أن يدرى انحيازا أعمق إلى آراء أستاذه، وما حفلت به من دلائل حكمه الزمن، وخبرة التجربة.