يضم هذا الكتاب تسع عشرة مقالة كُتبت بين عامي 1931 و1964، وقد صدرت الطبعات القديمة منه في 160 صفحة من القَطْع المعتاد (17×24)، ثم أعاد حفيد المؤلف، مجاهد مأمون ديرانية، إصداره مؤخراً في 300 صفحة من القطع المتوسط (14×21) بعدما أضاف إليه ملحقاً يضم نحو مئة صفحة من الصور، وهي صور رُتِّبَت في ثلاثة أبواب: “رجال من دمشق”، و”من تاريخ دمشق”، و”من معالم دمشق”، بالإضافة إلى بعض الخرائط المفيدة.
الاسم الكامل لهذا الكتاب هو: “دمشق: صور من جمالها، وعبر من نضالها”، وهو اسم يوحي بأن مقالات الكتاب وصفية أو تاريخية. والحقيقة أن فيها من ذلك الكثير، لكن في الكتاب أيضاً صوراً من الأدب وفيضاً من المشاعر والأحاسيس هي أقرب إلى “حديث النفس”، بل إن فيه فصولاً من الذكريات، مثل مقالة “ساقية في دمشق” (وفيها أشتات من ذكريات الدراسة في الكتّاب) و”مكتب عنبر”، وهذه الأخيرة كانت في الأصل مقدمة كتبها المؤلف لكتاب أصدره ظافر القاسمي عن مكتب عنبر سنة 1963. ومكتب عنبر هو اسم المدرسة الثانوية التي درس فيها علي الطنطاوي والتي كان لها أثر كبير في حياته، ولذلك لم يكن غريباً أن تثير كتابة هذه المقدمة مشاعره وأن توقظ ذكرياته، فنجده قد استرسل -فيها- في هذه الذكريات وهو يقول مخاطباً مؤلف الكتاب: “لقد حركتَ سواكن نفسي، وبعثت لي ذكريات أمسي، وهززتني هزاً، حتى لقد أحسستُ كأن قد عادت لي مواضي أيامي. وهل تعود الأيام الماضيات؟ لقد كان عهد مكتب عنبر جنتي التي خرجت منها ثم لم أعُد إليها، فرجَعْتَني إليها -يا أخي ظافر- بكتابك، أطير من فوق أسوارها العالية وأبوابها الموصدة بجناحين من ذكرى وخيال، حتى أدخلها مرة ثانية، فأعيش فيها في حلم ممتع فتّان”.