الذين وضعوا مصطفى أمين في السجن وأغلقوا عليه باب الزنزانة تصوروا أنهم قيدوه وكمموه وأخرسوه إلى الأبد تصوروا أنهم دفنوه حيا في قبر محكم وعالوا عليه التراب والموتى لا يتكلمون !
ولكن أصدقاء مصطفى أمين وتلاميذه خارج السجن وزملاؤه المسجونون السياسيون استطاعوا أن يجعلوه داخل الزنزانة أكثر إطلاعا عما يجري في البلد مما كان وهو رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ! كانوا يهربون له الأنباء والأسرار والوثائق عما يجري في الدولة . وهكذا كان يوميا الجرائم التى ترتكب والحقوق التى تغتصب والحريات التى تداس بالأقدام . كان هناك تنظيما تحت الأرض يهرب إلى مصطفى كل يوم رسائل عما يجري في داخل القبر الذي يعيش فيه.
وفي خطابات مصطفىأمين السرية كل ما كان يجري فوق الأرض وتحت الأرض . الصراع على السلطة . الخلافات بين القادة . قصص الإرهاب والطغيان . دموع المسحوقين وضحكاتهم . المذابح التى كانت تجري وراء الأسوار .كانت مهمته داخل السجن أن يهرب قصة كل مظلوم داخل الأسوار . كان يعتقد أن كل مظلوم هو مصطفى أمين ، وأن مصطفى أمين هو كل مظلوم .
إنها ليست قصة رجل واحد ، بل قصة كل مظلوم في مصر. ماذا يحدث عندما يكون القانون في أجازة . عندما تطفئ الأنوار ويسود الظلام . عندما توضع الحقيقة في الزنزانة ويحكم عليها بالسجن المؤبد . الرجال والنساء الذين كانوا يقومون بعمليات التهريب متحدين حراسة مشددة ورقابة رهيبة وعيون متلصصة وجو من الخوف والرعب ، كانوا يعرضون حياتهم وحرياتهم للخطر ، ولكنهم كانوا يقومون بعملية فدائية هي اخراج الحقيقة من الظلام إلى النور ، من السجن إلى الحرية ….