ينطوي هذا الكتاب على مباحث علمية رصينة تنفض غبار السنين عن تراثنا الخالد، وتعرض أنفس روائع الفكر بأسلوب واضح بسيط أقرب إلى ذوق العصر. وقد حاول المؤلف إحكام الربط بين النتاج القديم والمنهج الجديد. فعكف على أمهات المطبوعات والمخطوطات في علوم الحديث يدرسها دراسة تاريخية تحليلية ليجمع شتاتها في كتاب واحد يضمّها بين دفتيه، مستلخصا منها مقاييس المحدثين التي قامت على فلسفة نقدية دقيقة رُوعي فيها المعنى قبل المبنى، والمتن قبل السند، والعقل والمنطق قبل المحاكاة والتقليد.
وفي الكتاب ما يستحيل نقضه من البراهين على كتابة الحديث في حياة الرسول العربي، ووصفٌ حيّ للرحلة في طلب العلم، وموازنة بين صور التحمل والأداء، وتعريف بأشهر المصطلحات خالية من الجدل اللفظي العقيم، وفيه توضيح لمكانة الحديث في التشريع واللغة والأدب، وتأثير السنة النبوية في علوم الدنيا والدين، ومنهجية التصنيف في الطبقات التي صبغت بطابعها الأصيل فنون السيرة والتاريخ.
وما من ريب في أن القارئ العربي المثقف سيوقن- بعد قراءة هذا الكتاب- بأن مصطلح الحديث قد تبوّأ أسمى مكان في فلسفة المصطلحات على اختلاف العصور …