ومحمد – صلى الله عليه وسلم – ليس قصة تتلى في يوم ميلاده كما يفعل الناس الآن، ولا التنويه به يكون في الصلوات… المخترعة التي قد تُضم إلى ألفاظ الأذان، ولا إكنان حبه يكون بتأليف مدائح له أو صياغة نعوت مستغربة يتلوها العاشقون، ويتأوهون أو لا يتأوهون! فرباط المسلم برسوله الكريم أقوى وأعمق من هذه الروابط الملفقة المكذوبة على الدين، وما جنح المسلمون إلى هذه التعابير في الإبانة عن تعلقهم بنبيهم – إلا يوم أن تركوا الباب الملئ وأعياهم حمله، فاكتفوا بالمظاهر والأشكال.
ولما كانت هذه المظاهر والأشكال محدودة في الإسلام، فقد افتنُّوا في اختلاق صور أخرى، ولا عليهم فهي لن تكلفهم جهدًا ينكصون عنه، إن الجهد الذي يتطلب العزمات هو الاستمساك باللباب المهجور، والعودة إلى جوهر الدين ذاته، فبدلًا من الاستماع إلى قصة المولد يتلوها صوت رخيم، ينهض المرء إلى تقويم نفسه وإصلاح شأنه حتى يكون قريبًا من سنن محمد صلى الله عليه وسلم في معاشه ومعاده، وحربه وسلمه، وعلمه وعمله، وعاداته وعباداته…