إن افتقار الصحوة الإسلامية إلى فقه منهجي ناضج لتوقيع الدين بحسب هـذه المراحل هـو الذي نراه سببا مهما في تأخر إثمارها في مجال التطبيق، ولذلك فإن الضرورة ملحة في سبيل ترشيد الصحوة ودفعها إلى غايتها، لقيام فقه منهجي ناضج تمارس به دعوتها العملية لبسط سلطان الدين في مختلف مظاهر الحياة.
ولسنا ندعي أن في هـذا الكتاب عرضا مستوفى لهذا الفقه المنهجي المرشد للصحوة عمليا، فذلك لا يتم إلا بتضافر جهود مخلصة من ذوي الكفاءة، الذين يحملون هـم الصحوة الإسلامية، ويتحملون واجب ترشيدها، بل كل ما فيه إثارة للمشكل، وتحسيس به، ولفت الانتباه إليه، عسى أن يكون مدعاة للاهتمام بفقه التدين، والتفكير فيه، من قبل من لم يكن على وعي به، أو من لم يكن على اقتناع بجدواه، حتى يصبح بذلك هـذا الفقه موضوعا للمطارحة التي تتقدم به في طريق النضج والإثمار..
فالقضية التي عالجناها في هذا البحث، هي أن التدين بمعنى تحمل الدين إيماناً قلبيًّا بحقائقه، وتكيفاً عمليا بها في السلوك الفردي والاجتماعي، يحتاج لكي يتم على الوجه المطلوب، الذي يحقق غرض الدين، إلى فقه بمعنى منهجي، به يتم التحمل الإيماني، وبه يتم التطبيق الواقعي، وهذا الفقه يختلف في طبيعته وخصائصه عن الفقه الذي به يكون التمثل المعرفي المجرد الحقائق الدين من مصادرها.