ستظل الحضارة جزء لا يتجزأ من التاريخ فلكل حضارة تاريخ لا يمحي يظل عالقا بذاكرة البشرية جيل بعد جيل وقديما اعتقد الفيلسوف الألماني أوزوالد سبنجلر أن الحضارات مثلها مثل الكائنات الحية تولد وتنضج وتزدهر ثم تموت. ولكن الحقيقة أن الحضارات لا تموت أبدا وإن ضعفت فهي الإرث المادي والمعنوي للبشرية وهي في الوقت نفسه الوجه الآخر للإنسان فهي تعكس درجة قوته وتقدمه ومواجهته للصعاب وعوامل الضعف والوهن وقد تشكلت الحضارات قديما مع التحول للمناطق الحضرية ولذلك كان ارتباط كلمة الحضارة بالكلمة اللاتينية civitas أي المجتمع المكون من مدن والإنسان كما يصفه ابن خلدون هو كائن مدني بطبعه.
ولكل حضارة ثقافتها وخصائصها المميزة وطابعها الخاص ومن هذا المنطق كان كتابنا الأول في بحر الحضارات وتحديدا للبحث في الحضارة الكردية وإرثها الثقافي والحضاري ودرجة تأثيرها وتأثرها بالحضارات الأخرى ونتمنى من خلال بحثنا هذا أن نكون قد أمطنا اللثام عن بعض من هذه الجوانب بشكل سلسل ويسير ومحققا للمتعة والفائدة
والله من وراء القصد