القاصّ والروائي البارع هو من يقدم عملا أدبيا مسبوكا بحيث يمسك الكاتب بكل خيوط روايته فلا يفلت منها شيء وإنما محسوب بمقدار وموزون بأهداف ورؤى.
إن الرواية تبدأ من عنوانها ، فليل وقضبان كافية لكي تنبئ عمّا في داخل الصفحات، تقدّم الرواية فكرة السجن والكبت والحجز والمهانة والإنكسار والذل والخنوع بعدّة أشكال تختلف في مسيرها لكنها تلتقي في عالمها حتى أن كل قصة تصلح لكي تأخذ تيارا لوحدها منفصلة عن البقية لكنها في النهاية مجتمعة تخدم الفكرة الأساسية .
يصف لنا الكاتب ببراعة جو الرواية لكأنك تحسّ بجدران السجن تطبق على صدرك، يتحدث عن سجين “فارس” قضى في السجن عشر سنين من العذاب والمهانة بين ضرب السجّانين والعمل المذل طوال اليوم في تكسير الصخور حتى تنمحي شخصياتهم وتذوب في حر هذا الجو وفي جحيم العمل .
وفي ناحية اخرى هنالك مدير السجن “عبد الهادي” وزوجته”عنايات”، مدير السجن الذي يعاني من آلام السكر والقلب والضعف الجنسي والوزن الزائد والشحوم والكثير من الأمراض التي تجعله يحسد السجناء على صحتهم وعافيتهم ويرى فيهم أنهم بكل جرائمهم أفضل منه حالا إذ لا أمراض تعتريهم ، ومن جانب آخر زوجته التي تبقى حبيسة فيلتها وأملاك زوجها فلا تشعر انها بهذا الزواج قد حققت حريتها ولكنها تحتاج الحرية والحياة الزوجية والجنسية الكاملة.