يُقدِّمُ لَنا «عبد الغفار مكاوي» فِي هَذا الكِتاب قَبَسًا يَهتَدِي القارِئُ بنُورِه في ظُلُماتِ الطَّريقِ بَحثًا عَنِ الحِكمَة؛ ويضَعُ الفَلسَفَةَ فِي إِطارِها التَّارِيخيِّ مِن خِلالِ عَرضِ المُشكِلاتِ والأَسئلَةِ الَّتِي وقَفَتْ كَعَثراتٍ في عَصرِها، فانبَرَى الفَلاسِفَةُ كُلٌّ مِنهُم يُجِيبُ عَنها بمَنطِقِهِ الخاصِّ ويَصُوغُها بأُسلُوبِهِ لتُعبِّرَ كلُّ إِجابَةٍ عَن عَصرِها. غيرَ أنَّ العَرضَ التَّاريخيَّ للفَلسَفةِ لا يَصلُ بقارئِهِ إلى مَصافِّ الفَلاسِفَة؛ فالفَلسفةُ ليسَتْ مجرَّدَ إِجاباتٍ تُحفَظ؛ لذا إنْ أرَدتَ أَن تَتَفلسَفَ فَعلَيكَ خَوضُ تِلكَ التَّجرِبةِ الذاتِيَّةِ بنَفسِك. وقَدِ ارتَحَلَ بِنا المُؤلِّفُ إِلى «اليونان» مَنبَعِ الفَلسَفَة، وتَجوَّلَ في فِكرِ «بارمينيدز» و«هيراقليطيس» و«سقراط» و«أفلاطون» و«أفلوطين»، ومِنَ العُصورِ الوُسطَى انتقَى «بوئتيوس»، ومِنَ العَصرِ الحَديثِ «باسكال» و«نيتشه» و«هيدجر» و«ألبير كامي».