«تكرَّرَت سيرة العباسيين بعد القضاء على الثورة، عادوا إلى اكتناز الأموال والسرقة والظلم. تحدَّث الناس عن ثورة جديدة، حركة جديدة تَلوح في الأُفق؛ هل يفيد رجال الخليفة ممَّا مضى، فلا تفاجئهم ثورةٌ أخرى؟ طالَبوا أن يُعاد فتح ما طُوِي من صفحات؛ لماذا ظهَر صاحب الزنج؟ ولماذا اختفى؟»
لم يكُن «علي بن محمد» راضيًا عمَّا وصلَت إليه العراق من تردِّي أحوالها بسبب سياسةِ الخلفاء العباسيين ورجالهم إبَّان القرن الثالث الهجري، وانقسامِ البلاد إلى عبيد وأسياد؛ فدعا إلى الثورة، ونجح بدعوته في اجتذاب العبيد والزنوج وعوامِّ الشعب إليه، تَحدوهم جميعًا الرغبةُ في التمتع بثروات البلاد وخيراتها، وأن تُعاد إليهم حقوقُهم المسلوبة، وأن يُرفع عنهم الظلم الذي طالما أثقل كواهلَهم لسنواتٍ طوال. وهكذا تأجَّجَت نيران ثورة الزنج، ووصل لهيبها إلى كل الأنحاء، وسقطَت المُدن العراقية الواحدة تِلوَ الأخرى في يد الثوَّار، وصار قائدهم سيدًا للعراق، وشيَّد مدينةً تخصُّه سمَّاها «المختارة». تُرى هل قاد «علي بن محمد» ثورتَه ليحقِّق حُلم السُّلطة ويعتلي كرسي السلطان، أم أنه كان مَعنيًّا حقًّا بتحقيقِ ما دعا إليه من إصلاح أحوال البلاد ونُصرة الفقراء والعبيد على سادتهم؟ هذا ما سنعرفه في أحداث هذه الرواية التاريخية الشائقة.